اعتبرتها تمييزية.. منظمة الماسونيين تطالب الشرطة البريطانية بعدم الكشف عن أعضائها
اعتبرتها تمييزية.. منظمة الماسونيين تطالب الشرطة البريطانية بعدم الكشف عن أعضائها
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، قدّمت منظمة الماسونيين طلباً عاجلاً للمحكمة العليا البريطانية لإيقاف سياسة جديدة فرضتها شرطة لندن تلزم الضباط بالإفصاح عن عضويتهم بالمنظمة، واعتبرت المنظمة في أوراقها المقدمة عشية عيد الميلاد أن السياسة تمثل "تمييزاً دينياً" ضد أعضاء الماسونية.
وقال أدريان مارش، الرئيس التنفيذي للمحفل الكبير للماسونيين في تصريحات أوردتها صحيفة "الغارديان" البريطانية الأربعاء، إن الجلسة القضائية قد تُعقد الشهر المقبل، موضحاً أن صدور الأمر سيوقف تطبيق السياسة مؤقتاً لحين استكمال مراجعة قضائية شاملة يطالبون خلالها بإلغائها، وأكد أن السياسة "غير قانونية وغير عادلة وتمس حقوق أعضائنا الإنسانية"، مشيراً إلى أن شرط الإيمان الديني للانضمام للماسونية يجعل العضوية صفة محمية بموجب قانون حقوق الإنسان.
مضمون السياسة الجديدة
أعلنت شرطة لندن في ديسمبر أن أي شخص ينتمي أو سبق له الانتماء إلى "منظمة هرمية تتطلب من أعضائها دعم وحماية بعضهم بعضاً" يجب أن يعلن عن ذلك، وأوضحت الشرطة أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الثقة والمصداقية داخل المؤسسة، خصوصاً في التحقيقات المتعلقة بتأثير الماسونيين وسلوكيات مزعومة قد تؤثر على الحيادية، وقالت في بيان رسمي إنها ستدافع عن السياسة، معتبرة أن المشاركة في مثل هذه المنظمات قد تثير الشكوك أو تؤدي إلى تضارب في الولاءات.
وأوضحت الشرطة أنها أجرت تعديل السياسة بعد تلقي ملاحظات حول ضرورة زيادة الشفافية، لكنها امتنعوا عن التعليق أكثر أثناء استمرار الإجراءات القانونية، فيما أشارت مصادر حقوقية إلى أن المسألة تمس التوازن بين حماية الحقوق الدينية والضمانات المهنية لضباط الشرطة، وهو ما يضع القضاء أمام تحدٍ دقيق بين القانون الداخلي وقانون حقوق الإنسان.
الموقف الحقوقي للماسونيين
يرى الماسونيون أن سياسة الشرطة البريطانية الجديدة تمثل انتهاكاً للحقوق الأساسية للإنسان، بما في ذلك الحق في حرية الانتماء الديني والمعتقد، وهو ما يحميه قانون حقوق الإنسان البريطاني، وأكد مارش أن الشرطة وافقت على إجراء استشارة أوسع حول السياسة، لكنه لم يتأكد مما إذا كان ضباط الماسونيين قد أعلنوا عضويتهم بالفعل لدى مديريهم، مشيراً إلى أن نصيحتهم هي مناقشة أي مخاوف مع اتحاد الشرطة، الذي يعارض السياسة بشدة.
وتعتبر منظمة الماسونيين أن فرض سياسة الكشف عن العضوية داخل الشرطة يشكل قاعدة تمييزية، إذ لا توجد دلائل على استغلال العضوية في المنظمات الماسونية لتحقيق مصالح شخصية أو التأثير في التحقيقات، وأكدت التقارير أن عشرة ضباط بارزين في تحقيقات مقتل المحقق الخاص دانييل مورغان عام 1987 كانوا أعضاء بالماسونية، دون وجود دليل على استغلال القنوات الماسونية لارتكاب الجريمة أو إعاقة التحقيقات.
عضوية الماسونيين في صفوف الشرطة
لطالما شكل موضوع الماسونيين في شرطة لندن قضية طويلة الأمد؛ فقد أُنشئت محافل شرطية خاصة مثل "Manor of St James’s" لضباط شرطة لندن و"Sine Favore" الذي أسسه أعضاء اتحاد الشرطة عام 2010، وقد اعتبر مفوضو الشرطة السابقون أن فرض قواعد صارمة للكشف عن العضوية لم يكن مبرراً، رغم وجود تحقيقات تتعلق بمخالفات مزعومة.
ويقول خبراء حقوقيون إن فرض الكشف الإجبارية عن العضوية الدينية أو الطائفية في مؤسسات عامة يجب أن يتم وفق آليات دقيقة تراعي حماية الخصوصية وضمان عدم التمييز، بينما لا يجوز أن تصبح هذه السياسات وسيلة للتمييز ضد فئة معينة أو فرض عقوبات غير مبررة
التحديات القانونية والحقوقية
تواجه المحكمة العليا في بريطانيا تحدياً مزدوجاً: من جهة حماية حقوق الضباط في الانتماء الديني ضمن إطار قانون حقوق الإنسان، ومن جهة أخرى الحفاظ على الثقة العامة في جهاز الشرطة وضمان شفافية التعامل مع التحقيقات الحساسة، ويشير خبراء القانون إلى أن القضية قد تحدد معياراً جديداً لموازنة الحقوق الفردية مع الالتزامات المهنية في المؤسسات العامة.
كما ترى منظمات حقوق الإنسان أن أي سياسة جديدة يجب أن تراعي مبادئ المساواة وعدم التمييز، وتجنب خلق تصنيفات تثير الشكوك أو تحرم الموظفين من فرص متساوية، خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل الشرطة.
الماسونية هي منظمة دينية واجتماعية هرمية تأسست في القرن الثامن عشر وتشتهر بسرية أنشطتها وطقوسها الرمزية، في بريطانيا، يعد الانتماء للماسونية مرتبطاً بالمعتقد الديني، وهو محمي قانونياً بموجب قانون حقوق الإنسان، الذي يكفل حرية الانتماء والمعتقد لكل المواطنين، وفي السياق المهني، طالما أثارت عضوية الماسونيين في أجهزة الدولة جدلاً حول الشفافية والنزاهة، خصوصاً في الشرطة، حيث يُنظر أحياناً إلى العلاقات الداخلية كعامل قد يؤثر على سير العدالة.
تثير هذه القضية جدلاً واسعاً بين مؤيدي الحقوق الدينية وناشطي النزاهة المؤسسية، كما أنها تشكل نموذجاً لكيفية موازنة الحقوق الفردية مع الالتزامات المهنية، وهو محور جدل قانوني مستمر في المملكة المتحدة.











